احبــــــــ الله ــــــــــاب
|
|
| الأنبياء عباد الله | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:49 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأنبياء عباد الله, خصّهم ربّهم بمكانة عظيمة, ومنزلة رفيعة, فزيّن لهم فعل الخيرات, لأنهم كانوا من عباده المخلصين, وجعل الله لكل نبي معجزة أو معجزات لا تكون لبشر غيرهم
ولنبدأ معا بعرض أكبر عدد ممكن من أنبياء الله للعظة والتذكرة أسأل الله أن يكتب لنا الأجر جميعا إن شاء الله
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إبراهيم علية السلام إبراهيم الخليل عليه السلام نبي الله, وهو خليل الرحمن, وأبو الأنبياء الأكبر من بعد نوح عليهما السلام, ولد إبراهيم عليه السلام في أور الكلدانيين في العراق, وكان قوم إبراهيم عليه السلام الذين ولد فيهم يعبدون الكواكب السيّارة والأصنام, وقد دلت الآثار التي اكتشفت في العراق على صحة ما عرف في التاريخ من عبادتهم للأصنام الكثيرة, كما ورد في القرآن الكريم حتى كاد أن يكون لكل منهم صنم خاص به سواء الأغنياء أو الفقراء منهم في ذلك. النار لا تحرق النبي
قال تعالى:{ قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين* قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم* وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} الأنبياء 68-70.
وقد عاب إبراهيم عليه السلام على قومه في العراق شركهم بالله وعبادتهم الأصنام, وجادل قومه في ذلك , ثم أراد أن يلفت أنظارهم إلى باطل ما هم عليه من عبادة غير الله بما جاء به من حجج مقنعة وقوية وقيامه بتكسيره أصنامهم إلا كبيرهم, ولكن لم يرجعوا عن كفرهم وضلالهم, وإنما قرروا قتله بإلقائه في النار.
هذه السطور هي ملخص سريع لقصة سيدنا إبراهيم إلى أن جاءت معجزة خروجه من النار ونجاته منها. ولنر هذا الصراع من البدء إلى أن وصل إلى نقطة القرار الشرير وهو السعي إلى حرق إبراهيم عليه السلام بالنار والتخلص منه.
ولقد أنكر إبراهيم عليه السلام على أبيه عبادة الأصنام, وقال له: إني أراك وقومك تسلكون مسلك الضلال, فأنتم لا تهتدون إلى الطريق الصحيح, إنكم تائهون لا تهتدون إلى أين تذهبون, إن ضلالكم هذا واضح لا شبهة فيه لأن الأصنام والأوثان التي تعبدونها, والتي اتخذتموها آلهة لكم, لا تصلح أن تكون آلهة في أنفسها.
قد آمن إبراهيم عليه السلام وأيقن أن الله واحد لا شريك له صاحب معجزات تفوق كل هذا الكون آمن بذلك وبدأ يضرب الأمثال لقد أراه ربه الدلالة على وحدانيّته, فلما رأى كوكبا قال لقومه هذا ربي على زعمكم, لأنهم كانوا يعبدون الكواكب والشمس والنجوم والقمر, وكذلك قال إبراهيم لقومه عن القمر فقال: انه ربي على زعم أنكم تقولون أنه اله ورب وكذلك عن الشمس, فلما غابت وأفلت, وقد رأى أفول الشمس قال للناس مبرّئا نفسه من الكفر والشرك: إني بريء من شرككم بالله تعالى. واني بريء أيضا من هذه الأصنام والكواكب والمعبودات التي جعلتموها آلهة مع الله, وقال إبراهيم عليه السلام:{ قال يا قوم إني بريء مما تشركون}. الأنعام 78.
ثم أضاف إبراهيم عليه السلام مبلّغا قومه رسالته ودينه وربّه الذي آمن به, فقال:
{ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا, وما أنا من المشركين} الأنعام 79.
وهنا يقصد إبراهيم عليه السلام أنه قصد بعبادته وتوحيده لله عز وجلّ, وبذلك يكون إبراهيم عليه السلام حنيفا,أي مائلا للحق ومنحازا له, وقال إبراهيم عليه السلام نافيا عن نفسه الشرك:{ وما أنا من المشركين} ولن أشرك بعبادة ربي أبدا فهو الذي خلقني ورزقني ومنّ عليّ بكل هذه النعم التي لا تحصى ولا تعد.
ولكن القوم لم يقتنعوا بكل هذه الحجج القويّة والدعوة الواضحة. وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:50 am | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2. حوار مع قومه جادل القوم الكفار إبراهيم عليه السلام فيما يقوله وفيما توصّل إليه من الحق بشأن معبوداتهم الباطلة, لم يقنعهم قول الحق الذي قاله إبراهيم عليه السلام فقال لهم: أتجادلونني في أمر الله الذي لا اله إلا هو, وقد بصّرني وهداني إلى الحق, فكيف ألتفت إلى أقوالكم الفاسدة, وإنني لا أخاف من آلهتكم ولا أبالي بها ولا أقيم لها وزنا أبدا فان كانت حقا آلهة وكان لها ضرر أو كيد فكيدوني بها ولا تمهلوني, فالذي ينفع ويضر هو الله وحده أفلا تعتبرون وتعقلون وتتذكرون ما بيّنته لكم لتعلموا أن هذه الأصنام باطلة فتبتعدوا عن عبادتها, كيف أخاف من هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله ولا تخافون أنتم من الله الذي أشركتم به.
فأي الطائفتين يا قوم أحق بالأمن والطمأنينة والنجاة من عذاب الله يوم القيامة. هل هو الفريق الذي يعبد أصناما خرساء صمّاء لا تنفع ولا تضرّ, ولا تنطق ولا تعقل, أو من يعبد الله الذي بيده الضرر والنفع, وخالق كل هذه النعم, وكل هذا الكون بما فيه الكواكب والشمس والقمر والأحجار التي تعبدونها فهل تعقلون كل هذا؟ إن كنتم تعقلوه فاعبدوا الله وحده لا شريك له واتركوا عبادة الأصنام.
أما الآمنون المطمئنون فهم الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له, سبحانه عز وجلّ, إن هؤلاء المؤمنين هم الآمنون المهتدون في الدنيا.
3. حوار مع الأب ثانية حرص إبراهيم كل الحرص على هداية أبيه وضمّه إلى دعوة التوحيد وترك الشرك بالله عز وجل, فكان عليه السلام صريحا معه, يصارحه فيما هو عليه من الكفر, ويقول له إن هذا الكفر إن لم تقلع عنه وتتركه ستذهب إلى النار, وستعذب عذابا شديدا.
لذلك فقد كان إبراهيم عليه السلام لطيفا ليّنا مع أبيه فهو يكرر دعوته له بغاية التلطف واللين معه, مستعملا في حديثه كلمة {يا أبت} يشعره بأنه ابنه البار الحريص على ما ينفع أباه. وقد جاء حديثه في القرآن الكريم مع أبيه لطيفا ليّنا فقال له: {واذكر في الكتاب إبراهيم, انه كان صدّيقا نبيّا* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} مريم 41-42.
لقد سلك إبراهيم عليه السلام في دعوته لأبيه مسلكا عظيما, ومنهجا حسنا, واحتج عليه أبدع احتجاج كل ذلك بحسن أدب وخلق جميل, حتى لا تأخذه عزة نفسه فيرتكب ذنبا ويستمر في شركه وكفره.
لقد طلب إبراهيم من أبيه معرفة السبب في عبادته لما لا ينفع ولا يضر ولا يستحق العبادة أصلا, كيف يترك عبادة الله الخالق الرازق النافع الضار الذي يحيي ويميت؟! وهل يستسيغ ذلك عاقل؟!
وابتعد إبراهيم عليه السلام عن وصف أبيه بالجهل فقال:{ يا أبت أني قد جاءني من العلم ما لم يأتك}. مريم 43.
كان إبراهيم عليه السلام في حديثه وسطا, فلم يصف أباه بالجهل المطلق, ولم يصف نفسه بالعلم الفائق, ولكنه قال عليه السلام لأبيه: إن معي طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك, وذلك علم الدلالة على الحق والطريق الصحيح, وهي دلالات وحجج واضحة قوية حاسمة لا لبس ولا شكّ فيها فلا تستكثر يا أبت عليّ النصح وأقبل قولي. فلك أن تتصوّر أنني أسير معك في طريق وعندي معرفة بالطريق ومسالكه, فمن مصلحتك أن تتبعني حتى تنجو من الضلال والتيه.
وحذر إبراهيم عليه السلام أباه من عبادة الشيطان, فقال له: { يا أبت لا تعبد الشيطان, إن الشيطان كان للرحمن عصيّا} مريم 44.
أي أن عبادتك لغير الله من أصنام وأوثان هي عبادة للشيطان, لأن الشيطان هو الذي يأمر بذلك وهو المؤول عنها, ولا ينبغي لك أن تطيع من يعصي الله الذي خلقك وأنعم عليك.
ثم قال إبراهيم لأبيه في تلطف: يا أبت إني أخاف إن عصيت الله وواليت عدوّه أن يقطع رحمته عنك كما قطعها عن الشيطان, فتكون كالشيطان يصيبك عذاب شديد.
وقد كان كل هذا التحذير والتخويف واضحا, ولكنه حمل أدبا وحسن خلق من إبراهيم حين قال:{ أخاف أن يمسّك عذاب} مريم 45.
فذكر إبراهيم عليه السلام خوفه عليه حتى من مس العذاب.
هكذا كان إبراهيم عليه السلام لطيفا مع أبيه, حسن الخلق ينصحه ويدعوه لطاعة الله, فيبدأ كل نصيحة من نصائحه الأربع بقوله { يا أبت} على سبيل التوسل إليه والاستعطاف, ونيل رضاه, بذلك ضرب إبراهيم عليه السلام مثلا عظيما في حسن الخلقوالتأدب مع أقرب الناس إليه وهو أبوه آزر, ولكن هل كان رد الأب ايجابيا؟
للأسف, لم يكن كذلك, فقد أصرّ على عناده وكفره وقال لإبراهيم: أمعرض أنت يا إبراهيم ومنصرف عن آلهتي؟ لئن لم تمتنع عن الطعن والإساءة لآلهتي وان لم تبتعد عن نصحك لي بترك عبادتها لأرجمنّك بالحجارة, هيا اهجرني وابعد عني ولا تعد تأتيني أبدا.
سمع إبراهيم عليه السلام ردّ أبيه, ولم يعارضه بسوء الرد ولم يستمر معه في الجدال, وإنما قال له: { سلام عليك سأستغفر لك ربي انه كان بي حفيّا}. مريم 47.
لن أصيبك بمكروه يا أبي, ولكن سأدعو ربي أن يغفر لك انه كان بي حفيا أي مبالغا في اللطف بي. القرطبي ج1 ص111-113.
وقال إبراهيم عليه السلام: سأجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله, وأعبد ربي وحده لا شريك له عسى أن لا أكون بدعائه خائبا ضائع الجهد والسعي. ومضى إبراهيم عليه السلام لشأنه. وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
4. حوار قبل تحطيم الأصنام عاد إبراهيم عليه السلام ليحاور قومه, عسى أن يعودوا عن عنادهم وكفرهم, وسألهم قائلا: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} الأنبياء 52.
فأجابوا على الفور:{ قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} الأنبياء 53.
أي أنهم يعبدونها تقليدا لأسلافهم وأجدادهم, وحجتهم أمام ابراهيم هي تقليد آبائهم الذين ضلوا الطريق.
فقال لهم إبراهيم عليه السلام وعلى الفور وفي جرأة شديدة:
{ لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين} الأنبياء 54.
عند ذلك اتهموا إبراهيم عليه السلام باللعب بالألفاظ وقالوا له:
{ قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين}. الأنبياء 55.
أي: أجئتنا بالجد في دعوتك ورسالتك ونسبتنا إلى الكفر والضلال, أم أنت من اللاعبين المازحين في كلامهم, إننا لم نسمع من قبل كلاما كالذي تقوله يا إبراهيم.
فقال إبراهيم عليه السلام: لست بلاعب, بل أدعوكم الى الله ربكم خالق السموات والأرض الذي خلقهن وأبدعهن انه هو الذي يجب أن يعبد وليس هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وأنا على ذلكم من الشاهدين, قوي الحجة, فهذه حجتي التي لا ينكرها أحد, وأنتم تحتجون بحجة باطلة وهي أنكم وجدتم آباءكم يعبدونها.
5. إبراهيم يحطم الأصنام
بعد انتهاء هذا الجدال بين إبراهيم عليه السلام وقومه أراد إبراهيم عليه السلام أن يلفت أنظارهم, فعزم على تكسير أصنامهم وتحطيمها, لقد أقسم إبراهيم قائلا:{ وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} الأنبياء 57.
وانتظر إبراهيم انصرافهم وخروجهم من عيدهم وتجمعهم, وحمل فأسا ومضى إلى حيث توجد الأصنام وجعل يحطم ويكسر الأصنام, حتى جعلها جميعا قطعا متناثرة هنا وهناك وأبقى على صنمهم الأكبر, أكبر صنم فيهم وعلّق في عنقه الفأس التي كسر بها بقيّة الأصنام, لعلهم يرجعون إلى إبراهيم عليه السلام ودينه ويتعظون بهذه الموعظة 6. بدء المعجزة
عاد الكفار إلى الأصنام وهالهم وروّعهم ما شاهدوه.. لقد كسرت أصنامهم جميعها وعلّق الفأس في عنق الصنم الأكبر فقالوا: من الظالم الذي فعل هذا بآلهتنا؟ انه جريء في ظلمه هذا.
كان بعض الناس من الكفار قد سمعوا إبراهيم عليه السلام ويقول:{ لأكيدنّ أصنامكم} فقالوا: سمعنا فتى يذكر أصناما بمكروه منه اسمه إبراهيم.
فقرروا أن يشكّلوا له محكمة يحاكمونه فيها أمام حشد كبير من الناس وهذا ما يريده إبراهيم عليه السلام, حتى يبيّن لأكبر عدد من الناس وأمام أكبر عدد منهم أنهم جاهلون, وأغبياء عندما عبدوا هذه الأصنام التي لا تدفع عنهم الضرر ولا تدفع حتى عن نفسها الضرر, ولا تملك لنفسها ضرّا نصرا عندما تتعرّض لسوء وهذا أمر ماثل وواضح أمامكم.
واحتشد الناس وجيء بإبراهيم أمام حشد هائل من الناس وطرح عليه السؤال:{ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} الأنبياء 62.
أجابهم بما يريد من إثبات بطلان حجتهم, وغباء تفكيرهم قال:{ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون}!! حتى يتبيّن لهم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تعقل فهي جماد, وبهذا قصد إبراهيم تقريعهم وتوبيخهم على عبادة هذه الأصنام, فراجعوا عقولهم, ورجع بعضهم إلى بعض لضعف حجتهم وعجزهم عن الرد, وقال بعضهم لبعض: أنتم الظالمون بعبادة من لا ينطق بلفظة ولا يملك لنفسه شيئا, فكيف بنفع من يعبده ويدفع عنه الضرر وقد فشلوا في منع الفأس من تكسيرهم وتحطيمهم.
ولكن الكفار عادوا إلى جهلهم وعنادهم وقالوا لإبراهيم: لقد علمت أنهم لا ينطقون يا إبراهيم فكيف تقول لنا اسألوهم إن كانوا ينطقون, وأنت تعلم أنها لا تنطق؟
عند ذلك بدأ إبراهيم عليه السلام في استثمار هذا الموقف بعد أن وضعهم في أوّل طريق الحجة السليمة الصحيحة فقال لهم:
إذا كانت لا تنطق ولا تنفع ولا تضر فلم تعبدونها من دون الله؟, ثم تضجّر إبراهيم وتأفف منهم وقال لهم:{ أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} الأنبياء 67.
ورغم كل ذلك فقد صدر الأمر, أمر العاجز عن الإقناع بالحجة صدر الأمر بقتل إبراهيم عليه السلام, وأن يكون هذا القتل بطريقة بشعة, انه الحرق بالنار حتى الموت.
قالوا: { حرّقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين} الأنبياء 68.
وجاء قولهم أو حكمهم في موضع آخر من الآيات الكريمة:{ قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم* فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين*} الصافات 97-98.
لقد عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعت حجتهم وغلبهم إبراهيم عليه السلام بالحق, ولم تبق لهم حجة ولا شبهة إلا استعمال قوتهم وسلطانهم, لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم, فكادهم الله جل جلاله, وأملى كلمته ودينه وبرهانه. وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:52 am | |
| 7. المعجزة ذهب الكفار إلى رجل من الأكراد يقال له "هيزن" وطلبوا منه أن يصنع منجنيقا ليضعوا فيه إبراهيم عليه السلام ويلقوه في النار.
وشرعوا على الفور في جمع الحطب من جميع الأماكن والشعاب هنا وهناك, فمكثوا مدة طويلة حتى أن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحرق إبراهيم عليه السلام, وحفروا حفرة ضخمة فوضعوا فيها كل الحطب الذي جمعوه, وأشعلوا النار, فاضطرمت وتأججت والتهبت علاها شرر لم ير مثله قط.
ثم أخذوا يقيّدون إبراهيم ويكتنفونه ويربطونه بالحبال وهو يقول:" لا اله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك, لا شريك لك" رواه ابن عسكر في تاريخه 2\147.
فلما حملوه ووضعوه في كفة المنجنيق مقيّدا مكشوفا وأطلقوه إلى النار بالمنجنيق, لقيه جبريل في الهواء فقال له: يا إبراهيم ألك حاجة؟
فقال: أما إليك فلا! قصص الأنبياء لابن كثير ص 121.
وجاء أمر الله فوريّا وسريعا للنار فقال عز وجل:{ يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم}
حتى قيل أنه لولا أن الله قال:{ وسلاما على إبراهيم} لآذى بردها إبراهيم عليه السلام.
وقيل انه لم يصب إبراهيم عليه السلام منها إلا العرق على وجهه كان يمسحه جبريل عليه السلام.
ولما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار كان يقول:
اللهم انك في السماء واحد, وأنا في الأرض واحد أعبدك.
وكان معه في النار ملك الظل, وصار إبراهيم عليه السلام من ميل الحفرة حوله نار وهو في روضة خضراء, والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول, ولا هو يخرج إليهم.
ومكث إبراهيم في النار أربعين يوما أو خمسين يوما كانت أطيب عيشا وأكثر بردا وسعادة.
ولم تحرق النار منه سوى وثاقه وحبله الذي ربطوه به فقط وكانت النار بردا وسلاما على إبراهيم, خرج منها بمعجزة عظيمة منّ الله بها عليه, وأبت النار أن تحرق إلا الكفار, فإنها لا تحرق الأنبياء بأمر الله, وهذه معجزة من معجزات إبراهيم عليه السلام التي منّ الله بها عليه.وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:53 am | |
| معجزة الكبش العظيم
قال تعالى: { فلما أسلما وتلّه للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم* قد صدّقت الرؤيا, إنا كذلك نجزي المحسنين* إن هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم} الصافات 103-107.
كان إبراهيم عليه السلام قد كبر ونالت منه الشيخوخة منالها ولم ينجب أبناء, وكان يدعو ربه دائما أن يرزقه الولد فأحست سارة برغبته هذه فقالت له: يا إبراهيم, إني عاقر, وأحب أن يرزقك الله بولد ولذلك فإنني سأهب لك جاريتي هاجر لكي تتزوّجها, فقد يرزقك الله بل ويرزقنا جميعا منها ولدا تقرّ به أعيننا!! صمت إبراهيم قليلا وحذر سارة من الغيرة إذا أتمّ هذا الأمر,فقالت سارة في ثقة واطمئنان تعودان إلى عاطفة وحنان متدفقين منها وهي أنثى شأنها شأن حواء على وجه الأرض, تحكم الأمور وتغلبها على الأرجح بعاطفتها, قالت: لا تخف يا إبراهيم, لا تخف.
تزوّج إبراهيم عليه السلام من هاجر التي وهبتها له سارة ومرّت أيام جميلة سعيدة فحملت هاجر وولدت لإبراهيم عليه السلام ولدا جميلا وضيئا أسمّاه إسماعيل.
وجاء إسماعيل بفرحة كبيرة دخلت على نفس إبراهيم عليه السلام فأحب إبراهيم عليه السلام إسماعيل حبا كثيرا, فكم من مرّة حمله وداعبه, وأحبه حبا كثيرا.
واستمرّت الأحوال في البيت النبوي الكبير هانئة سعيدة بوليدهم الصغير, فأبو الأنبياء سعيد غاية السعادة يشكر ربه ليل نهار ويسبّح بحمده على ما أفاء عليه من نعمة الولد وهو في هذا السن المتقدم.
وفجأة دوت في البيت النبوي الكبير مفاجأة كان مصدرها السيّدة سارة, فقد خرجت الأنوثة لطبيعتها تعبّر عما يجيش في صدرها دون تكلف, دبّت الغيرة في نفس الأنثى سارة وهي شأنه شأن بنات جنسها لا تستطيع أن تكتم ما في نفسها ولا أن تغيّر فطرة النساء وبنات حوّاء, جاهدت نفسها وكظمت غيظها, وحاولت أن تفعل شيئا, كانت تعلم أن هذا الأمر سيزعج إبراهيم عليه السلام ولكن نفسها لم تقاوم جبروت الغيرة, اقتربت من إبراهيم قليلا وتهاوت الدموع من عينيها قطرات وقالت في صوت متهدج: يا إبراهيم؛ إني لا أستطيع أن أساكن هاجر وابنها بعد اليوم, فانظر لنفسك ولها أمرا.
صمتت سارة وقد انتابها حزن شديد من أجل خليل الله الذي شاركها الصمت أيضا, نعم لا تستطيع سارة أن تكبح جماح الغيرة, وهذا ما كان يخشاه إبراهيم.
ظنّ إبراهيم عليه السلام في البداية أن الأمر بضع خطوات وينتهي الأمر بمسكن جديد قريب لهاجر وابنها, ولكن سارة ذهبت مذهبا بعيدا, قالت: إنني لا أريد أن تسكن هاجر بلدا أسكنه..
هكذا لم تستطع الصبر على مجرد وجودهما بالقرب من إبراهيم فيراهما بين الحين والآخر عن قرب.
انصرفت مشيئة الله أن يكون هذا قول سارة, وحاول إبراهيم أن يترضى سارة على هاجر وولدها إسماعيل, ولكنها أبت وأصرّت, فوجد أن لا مناص من أن يباعد بينهما. وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[quote] | |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:54 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذهاب هاجر و إسماعيل
اصطحب إبراهيم هاجر وولده إسماعيل, وخرج بهما قاصدا مكانا يؤويهما فيه, وسار ما شاء الله له أن يسير, فترك فلسطين, وقصد جهة الجنوب, ضاربا في صحراء الحجاز, كان ذلك على ما يبدو بوحي خفي, فكان يمشي طوال النهار ولا يستقر في مكان إلا إذا أحس بتعب واحتاج للراحة أو أحس بجوع أو عطش, ثم يستأنف المسير بهاجر وولده الطفل الصغير, وظلّ على هذه الحال إلى أن استقرّ به المقام بوادي مكة, ومكان ملتقى الطرق للقادم والذاهب من الشام إلى اليمن وبالعكس, وفي هذا الوادي أقام إبراهيم لأسرته الصغيرة الأم ووليدها خيمة, يأويان إليها إذا جنّ عليهما الليل ويضعان فيها ما معهما من زاد ومتاع.
التفتت هاجر يمينا ونظرت يسارا, وكان ما تراه لا يوحي بشيء مريح, فهو مكان مجدب مقفر, فلم تقع عيناها على زرع ولا ضرع, ولا ماء, ولا حتى بشر يؤنسون وحدتها. ساد الصمت برهة من الزمن هاجر تنظر هنا وهناك, وقد أصابتها حيرة ودهشة, فكيف اختار إبراهيم هذا المكان المقفر الموحش مستقرّا لأسرته, لا بد وأنه موحى إليه أو مأمور بذلك, وخطر ببالها أن تسأله حتى تجد تأكيد لخواطره وشكوكها, فرفعت رأسها وقالت في شغف: أأمرك ربك أن تتركنا هنا يا إبراهيم؟!. قال إبراهيم: نعم.
قالت هاجر المؤمنة بربها على الفور: إذن توكل على الله, فقد وكلتنا إلى من لا يضيع عنده الرجاء. وفي وداع يحمل هيبة الإيمان وجبروت المشاعر, ترك إبراهيم عليه السلام هاجر ووليدها الطفل الصغير إسماعيل ومضى وأحسب أن الدموع قد احتبست في حدقات هؤلاء البشر منها دموع طفل أنهكه السفر, وأقلقه أم ّ تضطرب أمام تجربة لم تعهدها من قبل. ومضى إبراهيم منصرفا عن زوجته وابنه, فلما صار على مرمى النظر منهما, رفع رأسه وابتهل في دعاء خاشع فقال:
{ ربنا إني أسكنت من ذريّتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة تهوي أليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} إبراهيم 37. وكانت نظرة الوداع من إبراهيم بعد هذا الدعاء المبارك, الذي يعد دعاء لمان, ومضى إبراهيم عليه السلام عائدا إلى بلاد الشام. مرّت الأيام وعطش إسماعيل وبكى وهرولت هاجر من وادي المروة إلى جبل الصفا وكررت, وتفجّر بئر زمزم, وشرب إسماعيل من عين عذبة خصصت لضيوف الرحمن, ولم تخف هاجر الضيعة فهنا سيبني خليل الله بيت الله.
وكانت عين زمزم التي تفجر ماؤها خير شيء في هذا المكان رغبة المارّة, فنزلوا بها, وأقاموا أوقاتا إلى جوارها للاستراحة والاستسقاء.
وراق لإحدى قبائل العرب أن تنزل بجوار وادي مكة, وهي قبيلة جرهم, فاستأذنوا هاجر, فأذنت لهم, فوجدت إلى جوارها من تستأنس به, وتطمئن إلى جواره. وعمرت مكة بهذه القبيلة وأصبح الوادي عامرا بالناس والإبل والماشية والطيور, وتحققت دعوة إبراهيم عليه السلام عندما دعا لها وهو مغادر هذا الوادي قاصدا بلاد الشام وفلسطين التي تسكنها سارة حين دعا ربه قائلا: { فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات}. وفي بلاد الشام شعر إبراهيم عليه السلام بحنين لرؤية ابنه إسماعيل وزوجته هاجر, وجاء خليل الله إبراهيم ليرى ما فعل الله بوديعته, فوجد عمرانا وناسا وخياما, وحياة تدب في كل مكان, حتى ظن أنه قد ضلّ عن وادي مكة الذي ترك فيه إسماعيل وهاجر بأمر ربه, فقد كان واديا غير ذي زرع, حتى أنه سأل:
أهذا وادي مكة, أهنا تسكن هاجر وإسماعيل؟
عرف إبراهيم عليه السلام أنه وادي مكة.
ومضى خليل الرحمن يبحث عن خيمة هاجر وابنه إسماعيل بلهفة ما بعدها لهفة, وشوق ما بعده شوق, لقد كثرت الخيام وتعددت, ولكن خيمة هاجر شهيرة, معروفة لدى العامة في مكة. فأرشده الناس إليها.
نظر إبراهيم الخليل عليه السلام في وجه طفله المشرق, فسرّه سرورا كثيرا, وفرح به فرحا وفرحت هاجر بلقاء زوجها وشكرا الله على ما أولاهما من نعم, وعلى ما حباهما من عطف.
وظلّ هذا حال إبراهيم عليه السلام يأتي إلى أسرته الصغيرة الجميلة بين الحين والحين لرؤية إسماعيل وأمه.
وفي كل مرّة كان إبراهيم يصلي ويسجد شكرا لله عز وجل الذي أقر عينه بجمال طفله وهو في هذه السن البعيدة والعمر المتأخر, ولم تكن هذه نعمة الله الوحيدة على إبراهيم الخليل عليه السلام, ولكن الله أفاء عليه بالكثير الكثير من النعم والعطايا. وأكبرها نعمة الإيمان.
وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته | |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:57 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نوح عليه السلام
قال تعالى:
{ فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنّور فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم, ولا تخاطبني في الذين ظلموا, أنهم مغرقون}. المؤمنون 27.
1- إلى من أرسل نوح
كل نبي أرسل لأمة, فموسى لبني إسرائيل, ومحمد لقريش وللعالمين, وصالح لقوم ثمود, وهود إلى قوم عاد, وهكذا. وأما نوح فلمن أرسل من القوم؟ أرسل إلى أولاد قابيل بن آدم ومن تابعهم من ولد شيث بن آدم (العرائس للثعلبي) وقد تحدث المفسرون عن ذلك فقالوا: كان لآدم نسلان من أولاده أو قبيلتان إحداهما تسكن السهل والوادي الأخضر والأخرى تسكن الجبل. وكان للرجال في القبيلة التي تسكن الجبل جمال وروعة أما نساؤهم فكنّ ذوات دمامة وقبح. فالرجال أجمل من النساء كثيرا, أما القبيلة التي تسكن السهل والوادي فكانت نساؤها رائعة الجمال لا يستطيع الرجل أن يمعن النظر فيهن لشدة جمالهن, أما الرجال فكانوا على عكس ذلك فقد كانوا من القبح والدمامة بمكان فلا تطيق أن تعيش معهم من الدمامة والقبح. واستغل إبليس هذه المفارقة العجيبة وأراد أن يخلطهما ببعض حتى تشيع الفاحشة بينهم, فنزل على رجل من أهل السهل, وجاءه على هيئة غلام ليعمل في بستانه وزرعه, فاستأجره وجعله خادما له, فجاء إبليس بمزمار يحدث صوتا مثل مزامير الرعاة للغنم, وبدأ يحدث به صوتا عاليا ليسمع قبيلة الجبل صوتا غريبا فجاءوا على هذا الصوت, وأقاموا حفلا جعلوه عيدا كل عام يأتون إليه وبدأت نساء السهل تخرجن متبرّجات وهن على قدر من الجمال_ فرآهن الرجال, وهرع رجل من الجبل إلى أصحابه يحكي لهم عن الخبر فتحولوا إليهم ونزلوا معهم وظهرت الفاحشة الكبرى وحقق إبليس ما كان يريده, فلقد أقسم في السماء ليغوينهم أجمعين إلا الصالحين منهم والمؤمنين بالله عز وجل.
وكثر بنو قابيل وظهرت المعصية, وأكثروا الفساد وأصبح إبليس وأبنائه بينهم يفعلون بهم ما يريدون ويدعوهم إلى المعصية فيستجيبون.
وقد كانت الفترة ما بين وفاة آدم ونوح عليهما السلام حافلة بالإيمان والفساد وممن آمنوا وكانوا صالحين: ودّا ويغوث, ويعوق, وسواع, ونسر كانوا قوما صالحين وكان لهم أتباع يقتدون بهم.( تفسير ابن كثير سورة نوح).
وتذكر أن آدم عليه السلام له أربعون ولدا عشرون غلاما وعشرون جارية فكان ممن عاش منهم هابيل وقابيل, وود, كان ود يقال له: شيث ويقال له هبة الله, وقد جعله إخوته رئيسا وسيدا عليهم, وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسر.
كان "ود" رجلا صالحا كما ذكرنا, وكان محببا في قومه, فلما مات عكفوا على الجلوس حول قبره في أرض بابل وحزنوا عليه حزنا شديدا وأصبحوا يزورون قبره بصفة دائمة, ورأى ابليس حالهم هذا وجزعهم عليه فأراد أن يستثمر هذا الضعف فيهم فتشبّه بصورة انسان ثم قال لهم: اني أرى جزعكم على هذا الرجل, فهل لكم أن أصوّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟.
فقالوا: نعم.
فصنع ابليس صنما مثل "ود" فوضعوه في ناديهم فجعلوا يقدّسون الصنم ويذكرونه صباح مساء.
فلما رأى إبليس ذلك منهم واطمأن إلى غيّهم قال لهم في خطوة جعلته يتمكن من عقيدتهم ويفسدهم_ قال: هل أجعل لكم في منزل كل منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه, وتعبدونه؟
قالوا: نعم.
فصنع لكل أهل بيت تمثالا مثله, فأقبلوا على هذه التماثيل الأصنام التي حملت اسم الرجل "ود" ولما جاء أبناؤهم أدركوا ما يفعله الآباء, جعلوا يقلّدونهم فيما يصنعون بهذه التماثيل من عبادة وتأليه, وتوالت بعد ذلك أجيالهم وأحفادهم في عبادة الأصنام, ونسوا "ود" الرجل الصالح وجعلوه صنما يعبد من دون الله وبذلك استطاع إبليس أن يحول اسم الرجل الصالح إلى رمز للوثنيّة والكفر, فكان "ود" أول ما عبد غير الله, وكان أول صنم يعبد من غير الله اسمه "ود". (قصص الأنبياء لابن كثير). وقد أضل بهذه الأصنام كثيرا من الأمم فقد استمرّت في عبادتها هذه الأمم قرونا عديدة حتى إلى زمان جاهلية العرب قبل الإسلام وقد قال المفسرون (ابن عباس في تفسير ابن كثير): صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ذلك. فمثلا "ود" كان صنما لبني كلاب بن الجندل, وأما سواع فكانت لهزيل, وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف _عند سبأ_ وأما "يعوق" فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي كلاع وكلها قبائل عربية قديمة _ وهي أسماء قديمة لرجال صالحين عاشوا في زمن قبل نوح عليه السلام ما بين آدم ونوح. وقد كان بين نوح وآدم عليهم السلام عشرة قرون, كلهم على شريعة من الحق, فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين, وقد جاء القرآن، بقوله تعالى:{ وما كان الناس إلا أمّة واحدة فاختلفوا} البقرة 213, كانوا على الهدى جميعا فاختلفوا, وزيّن لهم الشيطان عبادة الأصنام, فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين, فكان أول نبي بعث نوح عليه السلام. تاريخ الطبري.
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:57 am | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 2. مئات السنين: إن الله تبارك وتعالى لما أجمع القوم على العمل بما يعصيه سبحانه عز وجل ويكرهه من خلقه من ركوب الفواحش وشرب الخمور والاشتغال بالملاهي عن طاعته عز وجل. لما رأى منهم كل ذلك أرسل نوحا إليهم وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة, وقيل أربعمائة وثمانين سنة, ثم عاش بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين, وقيل انه دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة. وركب السفينة وهو ابن ستمائة سنة, ثم مكث بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة. تاريخ الطبري. لبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال الله عز وجل يدعوهم إلى الله سرا وجهرا, فيمضي قرن (مئة سنة) بعد قرن, فلا يستجيبون له حتى مضى على ذلك ثلاثة قرون وهو يدعوهم جهارا نهارا _ وهم من دعوته على حالهم, لا يسمعون له ولا يستجيبون. كان كلما دعاهم هجموا عليه وخنقوه حتى يغشى عليه, ويسقط على الأرض مغشيا عليه, فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون, وكان هذا العمل يتكرر دوما سنوات وسنوات وقيل أن نوحا كان يضرب من قومه حتى الوهن والضعف والمرض ويلف في ثياب كأنه مات, ويظن أنه قد مات, ثم يخرج فيدعوهم مرّة أخرى. (العرائس للثعلبي ص 47). كان يخرج مرّة أخرى ومرات يدعوهم, حتى كان الآباء يقولون للأبناء: قد كان نوح مع آبائنا وأجدادنا, وأجداد أجدادنا _ انه رجل مجنون لم يقبلوا منه دعوة دعاها ونحن لن نقبل دعوة يدعوها.
وذات يوم جاء رجل ومعه ابنا يتوكأ على عصا مما أصابه من الشيخوخة, فقال العجوز لابنه وهو يشير إلى نوح:
أنظر يا بني إلى هذا الشيخ إياك أن يغرّك.
فقال الابن لأبيه: يا أبت أعطني العصا التي تتوكأ عليها. فأعطاه أبوه الشيخ العجوز العصا التي كان يتوكأ عليها وجلس على الأرض, فمشى الابن إلى نوح عليه السلام, فضربه عدّة ضربات ولكن نوح عليه السلام لم ييأس وظلّ يدعو قومه عشرات ومئات السنين ولكن دون جدوى.( قصص الأنبياء لابن كثير ص 65). دعا نوح قومه إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له, وألا يعبدوا معه صنما ولا تمثالا ولا طاغوتا وأن يعترفوا بوحدانيّته, وأنه لا اله غيره ولا رب سواه. وقال لهم نوح:
{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره, إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم}.
وقال:{ أن لا تعبدوا إلا الله, إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم}.
وقال لهم نوح:{ يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون}.
ترى بماذا أجابوا نوح بعد أن دعاهم إلى الله عز وجل بكل أنواع الدعوة في الليل والنهار, والسر والعلانية, بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى, فلم ينجح كل هذا, واستمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام, ونصبوا لنوح العداوة في كل وقت وأوان, وتنقصوه وسخروا منه.
وقالوا له:{ إنا لنراك في ضلال مبين}.
وقال لهم نوح:{ يا قوم ليس بي ضلالة ولكنّي رسول من ربّ العالمين} أي إنني لست كما تزعمون من أني ضال, بل على الهدى المستقيم رسول من رب العالمين, أي الذي يقول للشيء كن فيكون.
ثم قال نوح:{ أبلّغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون}.
هكذا أجابهم نوح في بلاغ وذكاء وكلام مقنع لا جدال فيه.
فقالوا له:{ ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين}.
تعجب القوم أن يكون نوح بشرا رسولا, وتنقصوا ممن اتبعه وقالوا: أنهم أراذلنا أي: الضعفاء منا, والأقل مكانة ومستوى منا, فنحن أفضل منهم مالا وحسبا ونسبا ولأنهم كذلك يا نوح: ضعفاء فقراء أراذل فقد استجابوا بمجرد ما دعوتهم إليه من غير نظر ولا رويّة ولا تمحيص.
ونسي هؤلاء الكفار أن الحق ظاهر لا يحتاج إلى رويّة ولا فكر ولا نظر.
وظلوا يعترضون ويجادلون نوحا ومن آمن معه, فقالوا:
{ وما نرى لكم علينا من فضل} أي: لم يظهر لكم أمر بعد اتصافكم بالإيمان ولا ميّزة علينا.
واتهموه وقومه بالكذب وقالوا:{ بل نظنّكم كاذبين}.
عند هذا الحد تحدث نوح عليه السلام بأنه صادق ولن يلزمهم أو يكرههم على شيء وأنه لا يريد منهم أجرا على دعوته إياهم, وإن طلبت أجرا فاني سأطلبه من الله الذي ثوابه وأجره أفضل مما عندكم وخير مما تعطونني, ولن أطرد هؤلاء ولن أبعدهم عني فقد آمنوا بربهم مهما عرضتم من إغراءات.
قال لهم نوح:{ أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وءاتاني رحمة من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} هود 29.
وقال نوح:{ وما أنا بطارد الذين ءامنوا, إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون}. هود 29.
وقد تطاول الجدال والزمان بينهم وبين نوح عليه السلام, وكان كلما انقرض جيل منهم وصّ من بعده بعدم الإيمان بدعوة نوح ومحاربته ومخالفته, وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل جلس إليه ووصاه فيما بينه وبينه, ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش وما بقي.
وقالوا:{ يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا}. هود 32.
ثم طلبوا معجزات ظنوا أن نوح لن يقدر عليها بأمر الله فقالوا:{ فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين{ هود 32.
وجاء ردّه الأخير:{ ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم, هو ربّكم واليه ترجعون} هود 34.
وجاء التأكيد من الله عز وجل أنه لا فائدة من هؤلاء فلن يؤمن منهم أحد إلا من آمن. وقال الله عز وجلّ لنوح:
{ وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} هود36.
وبدأ نوح عليه السلام ينتظر أوامر أخرى من ربّه.
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:58 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 3. بدء المعجزة الكبرى: بدأت المعجزة الكبرى لنوح عليه السلام بحوار جميل بينه وبين ربّه وكان بمثابة تقرير كامل عما كلفه الله به من عمل جاء في هذا الحوار الكريم: { قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا* فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في ءاذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا * ثمّ اني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا * فقلت استغفروا ربّكم انه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا} نوح 5-11. وظلّ نوح عليه السلام يذكر لقومه ما دعاهم إليه, ويصوّر لهم عظمة الله في خلقه, ويبيّن لهم نعم الله عليهم _ ولم يكن لهذا إجابة أو سبيل_ فقد ضلوا ضلالا شديدا, وزاد فسادهم وخبثهم مع كثرة جدالهم وإحساسهم بأنهم الأكثر فهما وعلما من نوح وهنا قدّم نوح عليه السلام نتائج عمله طوال مئات السنين وصبره على أجيال وأجيال منهم, فدعا ربه أن يهلكهم حتى لا يفسدوا في الأرض ويضلوا غيرهم ضلالا بعيدا وقال:
{ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا * انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} نوح 26-27. وجاء الأمر الكريم الذي حمل في طيّاته معجزات عظيمة.
قال الله تعالى لنوح عليه السلام:
{ واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} هود 37.
ولربما قال نوح: يا رب وما الفلك؟
فقال له: بيت من خشب يجري على وجه الماء حتى أغرق أهل المعصية وأريح أرضي منهم.
ربما سأل نوح عن الماء, وهو يعلم أن الله على كل شيء قدير. وقيل إن نوحا سأل عن الخشب, فأمره ربّه بغرس شجر الساج كثير الخشب عظيم الأصول والفروع, فأمره الله تعالى بذلك وظلّ يغرس ويغرس وانتظر أربعين عاما حتى أصبح الشجر غابات هائلة. وفي هذه السنوات توقف نوح عن دعوة قومه إلى عبادة الله فلم يدعهم فأعقم الله تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد, فلما كبر الشجر أمره ربه أن يقطع الشجر فقطعه وجففه ثم قال: يا رب كيف أتخذ هذا البيت أي كيف أصنع هذه السفينة؟ فقال له: اجعله مائلا على ثلاث صور رأسه كرأس الديك وجوفه كجوف الطير وذنبه كذنب الديك مائلا واجعلها متطابقة واجعل أبوابها في جنبيها واجعلها ثلاث طبقات واجعل طولها ثمانين ذراعا وارتفاعها في السماء ثلاثين ذراعا. أورد هذا الثعلبي في العرائس وقال أن هذا قول أهل الكتاب .ص 47-48. هذا المجنون يتخذ بيتا يسير به على الماء_ يقصدون السفينة_ ثم يضحكون.
وقد جاءت صورة هذا المشهد في القرآن الكريم في قوله تعالى: { ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه} هود 39. أي يستهزئون به وقد استبعدوا أن يحدث ما توعّدهم به.
فيجيب عليهم نوح قائلا: { قال إن تسخروا منّا فانّا نسخر منكم كما تسخرون}. هود 39.
ثم أضاف موضحا ما توعّدهم بأنه وقومه سوف يسخر منهم ويتعجب منهم من استمرارهم على كفرهم وعنادهم الذي سوف يقتضي وقوع العذاب بهم وحلوله عليهم لاحقا (قصص الأنبياء لابن كثير ص 180), مؤكدا وقوع ذلك بقوله:{ فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم} هود 39. وأوحى الله إلى نوح عليه السلام أن عجّل صنعة الفلك, وانته من صناعة السفينة, فقد اشتد غضبا على من عصاه _ عند ذلك استأجر نوح أجراء وعمّال يعملون معه في صنع السفينة وأولاده سام وحام ويافث ينحتون معه السفينة فجعلها ستمائة وستين ذراعا للطول وعرضها ثلاثمائة وثلاثين ذراعا وطولها في السماء ثلاثة وثلاثين ذراعا وطلاها بالقار داخلها وخارجها بعد أن فجر الله له عين القار بجوار السفينة تغلي غليانا وشدّها بالمسامير الحديد وطلاها كلها بالقار, وجاء في قوله عن المسامير الحديد:{ وحملناه على ذات ألواح ودسر}. وقد كان عيسى بن مريم يحيي الموتى بأمر الله, فقال له الحواريون: لو بعثت لنا رجلا من قبره يكون قد رأى سفينة نوح فيحدثنا عنها! فانطلق عيسى عليه السلام والحواريون خلفه حتى وصل إلى كثيب من تراب, فأخذ حفنة من التراب وقال: أتدرون ما هذا التراب؟
قالوا: الله ورسوله أعلم!!
قال عليه السلام: هذا قبر حام بن نوح, فضرب التراب بعصاه وقال: قم بإذن الله, فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه, وقد شاب شعره وأصبح شيخا عجوزا, فقال له عيسى عليه السلام: أهكذا مت وهلكت؟
فقال حام بن نوح: لا, ولكني مت وأنا شاب؛ ولكني ظننت أنه الساعة (يوم القيامة) فشبت من الخوف.
فقال عيسى عليه السلام: حدّثنا عن سفينة نوح.
قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات: فطبقة فيها الدواب والوحوش, وطبقة فيها الإنس, وطبقة فيها الطير.
فلما كثر ارواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل, فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة, فأقبلا على روث الحيوانات. رواية الطبري في تاريخه عن ابن عباس ج 1 ص 181 طبعة إحياء التراث.
| |
| | | smsm أصحاب المنتدى
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 20/07/2009 العمر : 30 الموقع : https://a7baballah.mam9.com
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الجمعة يوليو 24, 2009 8:59 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
4. فار التنور: نعود إلى نوح عليه السلام.
انتهى نوح من السفينة فبناها, وأعدها كما يجب, وما بقي الا إيجاد البحر الذي ستبحر عليه وتتطهر الأرض بمائه من دنس الكفار. حدّد الله مكان وزمان البداية بأمر عظيم وكريم, فجعل خروج الماء من التنور وفورانه هو بداية المعجزة الكبرى التي هزت الدنيا بأسرها, وقد كانت كلمة السر أو علامة السر هي فوران التنور, وقد قالوا عن فوران التنور عدة أقوال أولها: أنه طلوع الفجر ووزع الصباح. وأشهر ما قيل في التنور أنه مكان صناعة الخ, وكان فرنا أو تنورا من حجارة, وكان لآدم ثم انتقل إلى نوح فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك. فنبع الماء من التنور فعلمت به امرأته فأخبرته وقالت له: لقد فار الماء من التنور.
وقيل إن التنور فار في الكوفة, وقيل بالشام في موضع اسمه عين الورق, وقيل انه بالهند. تاريخ الطبري ج1 ص 182 والعرائس للثعلبي ص 48. فلما رأى نوح فوران التنور علم أنها البداية, بداية هلاك قومه.
كان فوران الماء علما وإخبارا لنوح عليه السلام ببداية معجزته كنبي ودليلا على هلاك قومه_ كان الأمر الرباني من جزأين:
الجزء الأول: إشارة البدء المتفق عليها والموصى بها لنوح عليه السلام وهي فوران التنور.
أما الجزء الثاني فكان كما ذكرت الآية الكريمة:{ قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن ءامن, وما ءامن معه إلا قليل} هود 40. وقد قال المفسرون: إن الله أرسل المطر أربعين يوما وليلة فأقبلت الوحوش والطير والدواب إلى نوح حين أصابها المطر, وسخرت له, فحمل كل منها كما أمره الله عز وجل:{ من كل زوجين اثنين} وبدأ في إدخال الحيوانات والطيور وكان آخر ما حمل الحمار فلما دخل الحمار بصدره تعلق إبليس بذنبه أو ذيله فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول ادخل فينهض فلا يستطيع _ حتى قيل إن نوح قال: ويحك ادخل وان كان الشيطان معك _ كلمة زلّ بها لسان نوح فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه. فقال له نوح: ما أدخلك يا عدو الله _ فقال الشيطان: ألم تقل أدخل ولو كان الشيطان معك؟ّ!
قال نوح: أخرج يا عدو الله..
فقال: ما أخرج _ وزعم المؤرخون أنه أي الشيطان كان في الفلك. عرائس المجالس ص 49.
وقيل إن الحيّة والعقرب أتيا نوح فقالا: احملنا فقال: إنكما سبب الضرر والبلايا فلا أحملكما.
قالا: احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحدا ذكرك, فمن قرأ حين يخاف مضرتهما ( الحية والعقرب) من قرأ:{ سلام على نوح من العالمين * إنا كذلك نجزي المحسنين * انه من عبادنا المؤمنين} لم يضراه أو يصيبه أذى أبدا.
وقيل إن نوح عليه السلام قال: يا رب كيف أصنع بالأسد والبقر, وكيف أصنع بالعناق والذئاب, وكيف أصنع بالحمام والقط؟
قال الله تعالى لنوح: من ألقى بينهم العداوة يا نوح؟
قال نوح عليه السلام: أنت يا رب العالمين.
فقال عز وجلّ لنوح: فأنا الذي أؤلف بينهم حتى لا يتضاروا ولا يضرّ بعضهم بعضا.
فحمل نوح عليه السلام السباع والدواب في الطبقة الأولى.
فألقى الله على الأسد الحمى وشغله بنفسه عن الدواب والبقر.
وجعل الوحوش في الطابق الثاني من السفينة, وركب هو ومن معه من أولاد آدم في الطبقة العليا. وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض.. وحمل إلى نوح عليه السلام في السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين, بقرة وثورا, فيلا وفيلة, عصفورا وعصفورة, نمرا ونمرة, قطا وقطة.. إلى آخر المخلوقات.
كان نوح عليه السلام قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة.. وساق جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين, لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض.
وهذا دليل على أن الطوفان أغرق الأرض كلها, فلولا ذلك ما كان معنى لحمل كل هذه الأنواع من المخلوقات حيوان وطير_ أليف وغير أليف صعدت كل هذه الحيوانات والوحوش والطيور كما ذكرنا, وصعد الذين آمنوا مع نوح, قيل إنهم كانوا ثمانين إنسانا. ابن عباس , العرائس ص49.
كان عدد المؤمنين قليلا.
فقد جاء تأكيد ذلك في الآية الكريمة: { وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن ءامن, وما ءامن معه إلا قليل}. هود40. انتهى كل هذا وأصبحت السفينة جاهزة على الأرض. وانتظر نوح ومن معه أمر الله سبحانه عز وجلّ, وقد جعل الله فوران التنّور آية بينه وبين نوح وعهد الله إليه فقال: إذا رأيت التنور قد فار فاركب أنت ومن معك على الفلك واحمل فيها من كل زوجين اثنين كما قال الله تعالى:{ حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور}.
جاء أمر الله هنا أي: جاء عذابه وهو الطوفان الهادر.
لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد إلى السفينة وهي أم أولاده كلهم وهم: حام وسام ويافث ويام, ويسميه أهل الكتاب كنعان, وهو الذي قد غرق في الطوفان, فقد ماتت قبل الطوفان وقيل إنها غرقت مع من غرق, وكانت ممن سبق عليها القول لكفرها. وقد نزلت فيها الآية الكريمة في سورة التحريم في قوله تعالى: { ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأة لوط, كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين}.
وبدأ الطوفان الهادر.. وما أدراك ما الطوفان الهادر..
جاء وصف الطوفان في القرآن _ حينما جاء أمر الله_ وفار التنور في الفرن الكائن في بيت نوح عليه السلام.
قال القرآن الكريم عن الطوفان الذي سبقه دعاء نوح, قال نوح: { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر}.
ماذا حدث بعد هذا الدعاء؟ بدأ الطوفان الهادر بأمر من الله, إذ يقول الله عز وجل: { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر}, { وفجرنا الأرض عيونا}.
أرسل الله من السماء مطرا لم تعهده الأرض قبله ولا تمطره بعده, وكان كأفواه القرب, وأمر الله الأرض فنبعت من جميع أرجائها.. آبارا وعيونا تضخ بالماء.
ارتفع الماء إلى أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا وهو الذي قاله أهل الكتاب وقيل ثمانين ذراعا. وعمّ جميع الأرض طولها والعرض سهلها وحزنها, وجبالها وقفارها ورمالها, ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ولا صغير ولا كبير, وكان أهل ذلك الزمان قد ملئوا السهل والجبل, فلم تكن بقعة على الأرض الا ولها ملك وصاحب وحائز. قصص الأنبياء لابن كثير ص 73.
ارتفعت المياه من فتحات الأرض, لم تبق هناك فتحة في الأرض الا وخرج منها الماء انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميّات لم تر مثلها الأرض, ومضت ساعات وساعات وانفجرت حركة غير عادية, ارتفعت قيعان المحيطات ارتفاعات مفاجئة, واندفع موج البحار يكتسح الجزء اليابس من الأرض.
وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.
لم تعد كرة أرضية, بل أصبحت كرة مائية, لأن الطوفان أغرقها جميعا بالماء ولم يبق فيها أرض يابسة أبدا.
وقد ذكر أن الطوفان حدث في شهر أغسطس, في الثالث عشر منه. تاريخ الطبري ج 1 ص 189 ط المعارف.
وقد طغى الماء وارتفع الموج ارتفاعا هائلا, وقال عز وجلّ:{ إنا لمّا طغا الماء حملناكم في الجارية* لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية} الحاقة 11-12. كان كنعان بن نوح عليه السلام كافرا, ولم يكن نوح يعرف هذا عنه حتى جاءت لحظة الطوفان, وكان يتصوّر أنه مؤمن عنيد, اختار النجاة باللجوء إلى الجبل, وكان ارتفاع الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يعرف نوح أنه مؤمن وقد جاء هذا الحوار في القرآن الكريم:
{ وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء, قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم, وحال بينهما الموج فكان من المغرقين}.
وعندما حال الموج بين نوح عليه السلام وبين ابنه, ولم يكن نوح قد تأكد من إيمان ابنه, ولم يعلم أنه من الكافرين. لجأ نوح عليه السلام إلى ربه ترى ماذا قال نوح عليه السلام لربه
في شأن ابنه. ذلك ما ترويه الآية المباركة فتقول:
ونادى نوح ربه فقال: { ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وانّ وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين} هود45.
أراد نوح أن يقول لربه, أن ابنه من أهله, وقد وعده الله بنجاة كل أهله المؤمنين. فجاء الرد من الله عز وجلّ لنوح عليه السلام, ليكشف حقيقة هذا الابن الغريق.
قال تعالى:{ قال يا نوح انه ليس من أهلك, انه عمل غير صالح, فلا تسئلن ما ليس لك به علم, إني أعظك أن تكون من الجاهلين} هود 46.
غرق الابن, وغرق أهل الكفر والطغيان, وبدأت رحلة العودة, العودة للأرض الطاهرة التي خلت تماما من الكفر والكفار.
جاء الأمر من الله:{ وقيل يا أرض ابلعي ماءك} فتوقف الماء الذي كان يتدفق من العيون.
{ ويا سماء أقلعي} فتوقف الماء المنهمر من السماء.
{ وغيض الماء} بمعنى أنه نقص, وانصرف عائدا إلى باطن الأرض.
ورست سفينة نوح عليه السلام على الأرض, وهلك الظالمون, وقال رب العزة لنوح:{ اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك, وأمم سنمتعهم ثم يمسّهم منا عذاب أليم}.
ورست السفينة, وهبط نوح عليه السلام, وأطلق سراح الطيور والوحوش فتفرّقت في الأرض جميعا, وعلم نوح عليه السلام أن الأرض قد جفت ويبست من الماء عندما بعث غرابا يأتيه بالخبر, فوجد "جيفة" فظلّ يأكل منها واشتغل عنه بالأكل ولم يرجع إليه فدعا عليه بالخوف ولذلك الغراب لا يألف البيوت. العرائس ص 51.
ثم بعث الحمامة فطارت وجاءت عائدة بغصن زيتون بمنقارها وطين برجليها فعلم أن البلاد قد جفت وطوقها بالخضرة التي نجدها في عنق الحمام أحيانا ودعا لها أن تكون في أنس وأمان ثم تألف البيوت, ويربيها الناس فلا تخاف وتطير مسافات وتعود إلى أصحابها. هذه هي معجزة نوح , لم تكن معجزة التنور الذي فار منه الماء وحده وإنما حياة نوح ألف سنة إلا خمسين معجزة.
وبناء السفينة وما احتاجه من زراعة الشجر وانتظار خشبه عشرات السنين معجزة.
وركوب السفينة مع الحيوانات على اختلاف أنواعها معجزة.
والطوفان الهادر معجزة, والهبوط معجزة.
إنها معجزات النبي نوح عليه السلام وليست قصة حياته.
| |
| | | eagle73 مشرف عام
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 01/08/2009 العمر : 32 الموقع : طنطا
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الثلاثاء أغسطس 04, 2009 6:02 am | |
| جزاكم الله الجنـــــــــــــــــــــــــــــــــه | |
| | | eagle73 مشرف عام
الهواية : المهنة : اعلام الدول : الأوسمة : عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 01/08/2009 العمر : 32 الموقع : طنطا
| موضوع: رد: الأنبياء عباد الله الثلاثاء أغسطس 04, 2009 6:19 am | |
| جزاكم الله الجنـــــــــــــــــــــــــــــــــه | |
| | | | الأنبياء عباد الله | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|